قال وزير الخارجية السابق العين ناصر جوده إن قدر الأردن أن يعيش في منطقة لا تخلو من الأزمات تاريخياً، حيث عاش الأردن حروب وصراعات وأزمات سياسية وأمنية واقتصادية، ومع ذلك خرجنا منها بسلام بفضل الله تعالى، ومن ثم قيادته الهاشمية، ولُحمة أبناء شعبه الملتف حول قيادته وجيشه وأجهزته الأمنية، مؤكداً على أهمية تماسك جبهتنا الداخلية ووحدتنا الوطنية وعزيمة وصلابتنا في الأردن في مواجهة الشدائد.
جاء ذلك لدى استضافته خلال الجلسة الحوارية التي نظمها حزب الميثاق الوطني بعنوان “الحرب في غزة والتداعيات أردنياً وإقليمياً” مساء أمس الإثنين، والتي أدارها مساعد أمين عام الحزب لشؤون الشباب الدكتور جمال الرقاد، بحضور رئيس المجلس المركزي للحزب الدكتور يعقوب ناصر الدين وأمين عام الحزب الدكتور محمد المومني، وحضور عدداً من أعضاء المجلس المركزي والهيئة العامة والمؤازرين للحزب.
وأشار جوده إلى أن القضية الفلسطينية بالنسبة للأردن قضية مركزية، وموقفنا ثابت منها، ويؤكد عليه دائماً وباستمرار جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يمثل صوت الحكمة، والعقلانية، والحق، ومن هنا ثبت للجميع ضرورة العودة إلى التركيز على حل سياسي يضمن اقامة الدولة الفلسطينية بإطار زمني محدد.
كما أشار إلى أن حل الدولتين هو طرح ثابت بالنسبة للأردن، لينعم الشعب الفلسطيني بالأمان، بعد إقامة دولته الفلسطينية المستقلة على ترابه الوطني ، بحيث تكون الدولة قابلة للحياة ومتواصلة جغرافيا وذات سيادة كاملة على أراضيها ولكل من هذه المصطلحات معنى، وهذا كله يشكل مصلحة أردنية عليا، مؤكدا أن الأردن واثق من نفسه، ويلتف حول قيادته وجيشه وأجهزته الأمنية، ودائماً قوي متماسك، مؤكداً أن قوة الأردن هي أكبر دعم للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني الصامد على أرضه وخاصة في هذه الأوقات العصيبة التي يمر بها.
كما تحدث عن وجود محاولات للتهجير القسري في غزة نحو مصر وحديث عن محاولات لتهجير أهل الضفة الغربية نحو الأردن، موضحاً بأن مواقفنا الأردنية معروفة للجميع، برفض هذا الأمر والتصدي له بكل ما نملك من عزم وقوة وتأثير سياسي في العالم. إلا أن ما نشهده اليوم من حرب غير مسبوقة على أهلنا في قطاع غزة من حيث القصف والتدمير، وقتل النساء والأطفال والمدنيين علماً بأن مجمل القتلى من المدنيين، 70بالمئة منهم من النساء والأطفال، وهذا قد يكون غير مسبوق في الحروب. ما استدعى الأمين العام للأمم المتحدة لاستخدام المادة 99من ميثاق الأمم المتحدة لخطورة الأوضاع الإنسانية في غزة.
وتحدث جوده عن أن السيناريو الأسوء هو إيقاف الحرب، والعودة لما قبل السابع من اكتوبر بحيث ننتظر الانفجار القادم، والأسوأ من ذلك هو عدم وقف الحرب واستمرار تدمير غزة وقتل أهلها وتشريدهم لكن المطلوب فوراً هو إيقاف الحرب والعمل على وضع أفق سياسي بإطار زمني محدد للوصول لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والأمن والسلام للمنطقة بأسرها .
وأشار إلى أن الحرب جزء منها سرديات، والنزاع لم يبدأ منذ السابع من أكتوبر كما روج البعض، وإنما قبل ذلك بعقود حيث لا يجوز لنا النظر لهذا التاريخ على أنه بداية الصراع وإنما هو محطة من محطات صراع تاريخية، مشيراً إلى أن هناك تغير حدث في المواقف العالمية تجاه ما يحدث في فلسطين المحتلة.
مشيرا أيضا إلى الدور الكبير الذع لعبه الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني في التأثير الإيجابي على مواقف الدول وخاصة اتصالات ولقاءات وزيارات جلالته مع قادة العالم. كما تحدث عن أن تحرك الشعوب في دول العالم شكل ضغط على صناع القرار في بلدانهم تجاه ما يحدث في غزة، ودفع البعض منها إلى تعديل وتغيير مواقفها المنحازة لصالح إسرائيل.
وأكد أن قوة الأردن في تماسك جبهته الداخلية، وتلاحم وتماسك شعبه وجيشه وأجهزته الأمنية خلف قيادته، وهذه القوة والتماسك هي قوة لفلسطين.
وتحدث عن أننا شاهدنا تغييراً نوعياً في موقف الإدارة الامريكية وخاصة في موضوع محاولات التهجير وضرورة العودة لأفق سياسي ومنع المستوطنين من استهداف المدنيين الفلسطينيين، مؤكدا على أهمية دور صانع القرار الأمريكي خاصة أن الولايات المتحدة هي القوة الأكبر ضغطاً على إسرائيل ،ويتوجب إدارك أن السيناريوهات السابقة التي كانت تُطرح لا يمكن العودة لها، وإنما علينا ان نذهب إلى أفق سياسي مرتبط بمدد زمنية، ودون تحديد أفق سياسي وإطار زمني، فإننا لن نحقق شيء، وسنعود لما قبل السابع من إكتوبر.
وأكد العين جودة أن كل ما يوعد به ساسة إسرائيل الإسرائيليين من تحقيق للأمن لن يتحقق إلا من خلال السلام العادل والشامل فلا إقامة حواجز وبناء الجدران العازلة ولا الاستيطان ولا التشريد ولا القتل والدمار سيجلب الأمن لهم .
في العودة للموقف الأردني أكد جودة أن الأردن يعمل من منطلق واحد، وهو مصلحته العليا ومصلحة شعبه، وأمنه واستقراره، ومن هنا نؤكد على أن إقامة دولة فلسطينة مستقلة ذات سيادة متواصلة جغرافياً مصلحة عليا للأردن، وليس لنا مصلحة في توسع الصراع بالمنطقة، كما أن وحدة الشعب الفلسطيني مصلحة للدول العربية، ولا يوجد فصل بين الضفة الغربية، وقطاع غزة، وهو أمر غير مقبول.
وشدد جودة التأكيد على أن القضايا المتعلقة بالحل النهائي للصراع يستوجب وجود الأردن لذلك هو حاضر على طاولة المفاوضات، ولا يمكن أن يكون هناك مفاوضات وحلول دون وجود الأردن في ظل قضايا رئيسة معني فيها متعلقة بالقدس الشريف والمقدسات ورسم الحدود، وحق العودة واللاجئين، وغيرها من القضايا المرتبطة بالأردن، ومصلحته، ولكنه في ذات الوقت لا يفاوض نيابة عن الشعب الفلسطيني أو يفرض من يحكمه، وإنما الأردن هو السند له.